لقاء في قلب المدينة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
في أحد المقاهي القديمة الواقعة في منطقة الكرادة، حيث تجتمع ذكريات الماضي مع واقع الحاضر، جلست *ليلى*، الشابة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها، على طاولة قرب النافذة. كانت تحمل كتابًا قديمًا بين يديها، عيناها تراقبان الناس وهم يمضون في طريقهم. شعرها الأسود المنسدل على كتفيها كان يلفت الأنظار، ولكنها لم تكن تهتم بذلك. كانت ليلى شخصًا هادئًا، تحب القراءة والتأمل، وتجد في الكتب عزاءها من هموم الحياة.
بينما كانت ليلى غارقة في كتابها، دخل *سامي*، شاب في أواخر العشرينات، يرتدي سترة جلدية أنيقة ويحمل حقيبة لاب توب. كان يبدو مرتبكًا قليلاً وهو يبحث عن مكان ليجلس فيه. عينيه كانتا مليئتين بالحيرة، وعندما وقع نظره على ليلى، شعر وكأن شيئًا غريبًا دفعه نحوها.
"هل يمكنني الجلوس هنا؟" سأل سامي بنبرة هادئة، وهو يشير إلى المقعد المقابل لها.
رفعت ليلى رأسها عن الكتاب، وأومأت برأسها بلطف. "بالطبع، تفضل."
جلس سامي وهو يتنهد بارتياح. لم يكن يعرف لماذا شعر بهذه الراحة بالقرب منها، ربما لأن المدينة بأسرها كانت تبدو ضبابية في تلك اللحظة، بينما كانت هي واضحة كالشمس. التزم الصمت للحظات، ثم قال:
"أنتِ تحبين القراءة، أليس كذلك؟"
ابتسمت ليلى بخجل، وأجابت: "نعم، أعتقد أنني لا أستطيع العيش بدون الكتب."
"وأي نوع من الكتب تفضلين؟" سأل سامي، متحفظًا قليلاً.
"كل شيء تقريبًا. لكني أحب الروايات القديمة التي تتحدث عن الحب والمشاعر." قالت ليلى، وهي تُظهر نوعًا من الحنين في عينيها.
سامي، الذي كان يعمل كصحفي في إحدى الصحف المحلية، شعر بنوع من الفضول تجاه ليلى. كانت هادئة، ومختلفة عن الفتيات اللواتي يعرفهن. في تلك اللحظة، شعر وكأن ثمة شيء مشترك بينهما، شيء غريب ولكنه قوي.
"أنا أيضًا أحب الكتب. لكنني أميل إلى الكتب التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية. أعتقد أن لدي شغفًا بمعرفة ما يدور في المجتمع." قال سامي.
"ربما لأنك صحفي، أليس كذلك؟" أجابت ليلى مبتسمة.
"نعم، لكن ذلك لا يعني أنني لا أقدر الأدب. في الحقيقة، أعتقد أن الأدب هو مرآة للمجتمع. كل قصة حب، كل صراع، يعكس واقعًا معينًا."
بدأت المحادثة تتدفق بشكل طبيعي بينهما. سامي كان يشعر أنه يكتشف جانبًا جديدًا في الحياة من خلال حديثه مع ليلى. كانت نبرة صوتها هادئة ومريحة، وكأنها تعكس سكون بغداد في الصباح الباكر.
في تلك اللحظة، شعر كلاهما بشيء غريب يربطهما معًا، شيء غير مرئي، ولكنه حاضر في كل كلمة وكل نظرة. لم يعرفا ما هو، لكنهما كانا يشعران به.
الفصل الثاني: *أشواق غير معلنة*
مرت الأيام، واستمر سامي في زيارة المقهى نفسه في نفس الوقت تقريبًا كل يوم. لم يكن يلتقي بليلى في كل مرة، لكن حينما كان يحدث ذلك، كان يشعر وكأنهما يعودان إلى نفس النقطة التي توقفا عندها. لم يكن هناك أي اتفاق بينهما، ولكن كل لقاء كان يترك في قلبه أثرًا عميقًا.
أما ليلى، فقد بدأت هي الأخرى تشعر بشيء غير قابل للتفسير. كانت تجد في وجوده راحة غريبة، ولكنها لم تكن تعرف كيف تعبر عن ذلك. كانت تُكمل حياتها اليومية: تذهب إلى دراستها في الجامعة، وتقرأ الكتب، وتلتقي بأصدقائها. لكن في كل مرة كانت تمر بالقرب من المقهى، كانت عيناها تبحثان عن سامي.
في أحد الأيام، بينما كانت ليلى تمشي في الشارع، فوجئت بسامي يلوح لها من بعيد. كان يبتسم، وعيناه تلمعان بأمل.
"مرحبًا، ليلى!" قال سامي وهو يقترب منها.
"مرحبًا، سامي!" أجابت ليلى، وهي تشعر بشيء غريب في قلبها.
"هل تودين أن نتناول القهوة معًا اليوم؟" سأل سامي بتهذيب.
ابتسمت ليلى، وقالت: "بالطبع، لن أقول لا."
جلسا معًا في أحد المقاهي الصغيرة في شارع أبو نواس. كانت هناك أجواء رومانسية في المكان، والهواء البارد من النهر كان يداعب وجهيهما.
"أتعلمين، ليلى، كلما تحدثنا أكثر، شعرت أنني أعرفك منذ وقت طويل. كأننا التقينا في حياة سابقة." قال سامي وهو ينظر في عينيها.
شعرت ليلى بشيء في قلبها يزداد قوة. كانت تعرف أنه يشاركها نفس الشعور، لكنها كانت خائفة من أن يعكر شيء ما هذه اللحظة المثالية.
"أحيانًا، أشعر أن الحياة تمنحنا لحظات قصيرة جدًا لنعيش فيها ما نريد. لكننا دائمًا نخشى أن نفقدها." قالت ليلى بصوت هادئ.
نظر إليها سامي بعينيه الزرقاوين العميقتين وقال: "ربما يكون ذلك صحيحًا. ولكن، أعتقد أن الوقت قد حان لنعيش ما نريد، دون خوف."
الفصل الثالث: *بين الأمل والشك*
مرت أسابيع، وكل لقاء بين ليلى وسامي كان يزداد عمقًا. لكن المشاكل بدأت تظهر في الأفق. كانت ليلى تشعر أن هناك شيئًا غير مكتمل في حياتها، وأن حبها لسامي قد يواجه تحديات لا تستطيع مواجهتها. كانت عائلتها تضع عليها الكثير من الضغوط، خاصة فيما يتعلق بمستقبلها.
في ذات يوم، بينما كان سامي يراها تقف على رصيف شارع المتنبي، اقترب منها ببطء وقال: "ليلى، لدي شيء أريد أن أخبرك به. ربما حان الوقت لأكون صريحًا."
"ماذا تعني؟" سألته ليلى، وقد تملكها شعور بالقلق.
"أنتِ تعلمين أنني أحبك. لكنني أعيش في عالم مليء بالضغوط والمسؤوليات. لا أريد أن أكون سببًا في أية مشاكل لكِ. أعتقد أننا يجب أن نأخذ خطوة للوراء، لنفكر في كل شيء."
تجمدت ليلى في مكانها. قلبها كان ينبض بسرعة، لكن عقلها كان مشوشًا. هل كان هذا هو الوداع الذي كانت تخشاه؟
"أنا أيضًا أحبك، سامي. ولكن، أعتقد أن الحياة ليست دائمًا كما نريدها. ربما يكون ما نمر به الآن هو مجرد مرحلة." قالت ليلى بصوت يكاد يُسمع.
الفصل الرابع: *أمل جديد*
بعد فترة من الفراق، عاد سامي إلى حياة ليلى بطريقة غير متوقعة. كان هناك شيء لا يمكن إنكاره بينهما، وكان عليهما أن يواجهوا تحديات الحياة معًا، بغض النظر عن الظروف.
في أحد الأيام، وعندما كانت بغداد تغرق في ضوء الغروب الذهبي، عاد سامي إلى المقهى الذي التقيا فيه لأول مرة. ليلى كانت هناك، جالسة على نفس الطاولة، تقرأ كتابًا.
اقترب سامي منها بهدوء، وقال: "هل يمكنني الجلوس؟"
رفعت ليلى رأسها، وعينيها مليئة بالأمل والحنين. "بالطبع، تفضل."
هذه المرة، لم تكن الكلمات هي ما جمع بينهما، بل كانت نظراتهم، التي كانت تقول كل شيء. الحب كان قد عاد، أقوى من أي وقت مضى.
---
*نهاية الرواية*
---
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق